Mashuq Foundation

for Dialogue Tolerance and Religious Renewal

الشيخ معشوق الخزنوي في مواجهة الألغام السبعة! – الكاتب ابراهيم اليوسف

ابراهيم اليوسف

26.06.2005

إبراهيم اليوسف

 

1- تأتي فرادة – مشروع – الشيخ محمد معشوق الخزنوي ، انطلاقاً من اعتبارات عديدة ، تكاد لم تتهيأ إسلامياً ، وكردياً ، لأحد من أقرانه العلماء المعاصرين ، ذلك لأنه بات يتجاوز مرحلة تشكيل ملامح الظاهرة الخاصة ، لتصل إلى مرتبة تكوين مدرسة تحمل اسم رؤاه ،لدرجة توافر المقومات التي تمنح مثل هذه المدرسة علاماتها الفارقة حقاً…!

 

طبيعي ،أنني – هنا – أنطلق من – منظور – شخصي ، تجاه هذه الشخصية الواحدة في تعددها ، والمتعددة في واحديتها ، وهو نتاج فهم يكاد يكون دقيقاً لها ،بما لها وما عليها،أحاول عبره تغليب العقلاني الموضوعي على جموح العاطفة ،إزاء سطوة هذه الشخصية ،قدر الإمكان ، كي أداني،أو أتبنى – في هذا المقام – آليات الاستقرار لدى شخصية الشيخ معشوق،شخصياً،هذه الشخصية التي لا تشبه إلا ذاتها…! الشيخ والمغامرة:

 

بدهي ،إن أية شخصية تتوافر لها المقومات التي ترفعها عن الشخصية المستنسخة التي يعيشها – أكثرنا – ما دام أنه يكرر ببغاوياً آراء ،وشعارات ،معينة، ويسير وفق مسارات محددة له سلفاً، دون أن يقارب ، أو يتجاوز الحدود المرسومة له ، وهو ما كان من شأنه – على الدوام – وضع – سقف محدد لأفكارنا،وأفعالنا ، وردود أفعالنا ، لدرجة أننا جميعاً مضطرون أمام – النقاط الحمراء في الخطاب الرسمي العالي – أن نطأطئ رؤوسنا موافقين ، أو صامتين ، بما يتضمن كلمة: الصمت من دلالات واضحة مفتوحة ،ولا تخرج عن حظيرة القبول بالأمر الواقع،في المدى المنظور ،وإن كان هذا الصمت نفسه مدعاة ريبة – عند الضرورة – يدفع صاحبها الضريبة: وهي حريته حيث سيدفع به إلى غياهب السجن ، كي يكون بذلك فريسة أحد عيون السلطة السياسية ،ومشروع “شهيد” على مدى الحيف الذي يلحق بالمواطن !

 

ولعل المواطن – في عالمنا العجائبي – ومنه سوريا، قد استظهر محظوراته ، فهناك سلم من الأسماء ، والآراء ، والسلوكيات ، بل والأحلام لتعدّ في دائرة الممنوع،ولا يمكن المساس بها البتة، بل إن أي تناول لها ،ينبغي أن يكون ضمن المسارات المرسومة ،والتي لا يتلكأ في اتخاذها أي مواطن صالح !

 

تأسيساً على مثل – هذه التقدمة – بات المواطن منذ عقود أحد اثنين :

 

1-إما أن يكون مجسداً لذهنية – المواطن الصالح – الأنموذجي ، المعطوب روحياً،وهو نموذج ، يركب سفينة النجاة ،فيتحدث ،ويصفق ، ويصوت كما يطلب إليه، تماماً،مشكلاً بذلك مجتمع ال99% ، سواء أكان منخرطاً فيه ، أو عدم معترض على إدراجه ضمنه ،عند أي مفصل زماني ، أو نقطة تحول ذات حساسية معينة!

 

2-وإما أن يكون صدى رؤاه،ونفسه،رافضاً للنمطية،يعيش عالمه المختلف،المغاير ،بيد أن هذا ما سيدفعه لأن يكون محطّ ريبة ، مستهدفاً ،ومشروع سجين دائم،حتى وإن كان طليقاً،تنهش اسمه مناقير البغاث،وتقدمه على أنه موبوء ،وقد يتم وضعه في مواجهة مجتمع ال99%،كي يشكل (رأي عام ) ضده ،وهو ما يكاد يسري على شخص كل معارض لآلة الخطأ، حيث أن عملاء السلطة يتحركون ضمن الفضاء العام من أجل تقويلهم،وتأثيمهم، وتخوينهم،على أنهم منتهكون للمحرم،خارجون على التابو، مرتمون في براثن المدنس ،ولعل – فاتورة – الضريبة ، لن تنحصر في شخص هذا المواطن،بل ستتعداه – بالعدوى-المعدّة إلى محيط أسرته، أو من يحيطون به، من مكسري الحصار عليه…! إن أي متابعة لشخصية محمد معشوق الخزنوي،بغرض دراسة نشأتها ، وذلك منذ بداية الطفولة المختلفة،وحتى لحظة الاستشهاد،لتجعلنا – وجهاً لوجه – إزاء علامات المغايرة في عمقها، وفي مطلعها:ملامح النبوغ – بل : العبقرية ،التي كانت تجعله يلفت أنظار مجايليه ، وتكسبه الثناء،كي يعول عليه كثيراً من قبل معلمه الأول ، والده المغفور له – الشيخ عز الدين – الذي كان يزداد – يوماً وراء يوماً – اندهاشاً للطاقات الكبيرة لدى ولده ،وهو يتابع ملامح النبوغ لديه ،مبكراً ، وكان هذا مدعاة طمأنينة في نفس الوالد…!

 

ولعل أسئلة معشوق ، باتت تزداد ، وبات يحس أنه عبّ ما في بطون الكتب ، وصار يجد أن معهد الخزنوي الذي تأسس 1930ات يضيق به ، وإن كانت العلوم التي تدرس فيه تبز مناهج الأزهر ، في كثير منها ، ناهيك عن أن هذه الأسئلة لم تجد من يجيب عنها ، بنفس ذلك المتفرغ لرعاية موهبة متفردة مثله ، ذلك لأن الأب الذي ينهمك في شؤون التكية ، وعالم المريدين ، لم يكن قادراً على إمضاء جلّ وقته مع ابن واحد ، مائز ،ا وأن لديه أبناءً آخرين – أدامهم الله – كانوا على مقاعد المعهد نفسه ، وهو – معاً – يشكلون أساطين روحية لدى الأب الشيخ ، راعي التكية!

 

مؤكد أن للتمايز ضريبته ، التي قد تقلّ ، أو تكبر ، لدرجة – المغامرة بالرأس – وهذه الضريبة ذات أشكال كثيرة ، قد تدفع على حساب راحة صاحبها ، وأعصابه ، فيتعرض لانكسارات شتى ، ويضطر للتقوقع أو الانزواء أو تدعوه للانفتاح إلى الآخر ، ناذراً نفسه له ، وهو ما تجسد – في حالة الشيخ معشوق – أنه بان يتمثل الضمير المضمر،ضمير العامة الذين أحبهم ،وتطوع كي يكون – لسان حالهم – دون تكليف منهم ، لا سيما هؤلاء غير المؤهلين بسبب صعوبة ظرفهم أن يخولوا سواهم ليكون رسولهم ، وصوتهم المدوي …!

 

لا أريد أن يتصور أحد ما ، أن نضوج رؤى الشيخ معشوق لم يخضع ل : التدرج – الملحوظ ، بيد أنه على الدوام كان قادراً أن يفهم من – يحبهم في قرارته – ويمنهج هذه العاطفة ، كي تخرج من الأطر المسبقة ، إلى إهاب أطر يحددها هو ، وإن كان – تمرده – يدفعه لكسر الكثير من هذه الأطر،يخرج عنها،يلغي الذات الأولى ،ويحاول رسمها من جديد ، يتلمس في كل مرة مساراً ما،يتأثر بمحيطه،أي محيط جديد يدخله ،ما دام أنه يعني له توازناً يوافق نوى رؤاه ، يتمحور ضمن هذا الجديد ، إلى حين،كي يصل إلى الصورة التي يريد، في نهاية المطاف،وهو ما أعتقد أنه قد وصل إلى ذروته في إحياء ذكرى سنوية الشهيد فرهاد ، كي يدفع الضريبة الكبرى في ما بعد لمن كان يتعقبه – خطباً في الجامع ، وتصريحات في الفضاء الإلكتروني ، أو الرائي، أو المنتديات التي يحضرها ، محلية كانت ، أم عربية ، أم إسلامية ، أم عالمية…!

 

طبعاً ، كل ما سبق ، لا يشكل إلا عبارة عن إشارات أولى،بحاجة إلى تعميق وتوسيع لتكون مدخلاً أول إلى شخصية الشيخ التي كان لي شرف مصاحبتها في أعلى لحظتي تحول وتبلور طراً،دون أن أكون إلا شاهداً على تحولاتها ، كما شاء – هو –أن يتخيرني – في لحظة توافقيه بيننا في الانشغال بما هو إنساني عموماً ، وكردي خصوصاً ، وبغض النظر عن مسار كل منا ، بعد أن كانت – نقطة الانطلاق الأولى – متشابهة. يتبع…..

 

ملاحظات :

 

دائما ً كان الشيخ الشهيد يردد : أنا خبير في نزع الألغام الإسلامية، وكان يعني بذلك نزع كل ماهودخيل على الإسلام ومنها هاتيك الأسباب التي جعلت الكرد يدفعون ضريبة خديعة أشقائهم ويكونوا هكذا دون دولة، بعكس الفرس، والترك، والعرب، ولقد استشهد الكاتب سليمان يوسف يوسف من جهته إلى مقولة الشيخ هذه…….!

About Author