الدكتور جواد ملا
في مثل هذا اليوم 1-6-2005 قبل خمسة عشر عاما إغتال النظام السوري واحدا من أعظم رجالات الكورد الدكتور محمد معشوق الخزنوي ألف رحمة على روحه الطاهرة
نداء الى أرواح الدكتور محمد معشوق الخزنوي وفرهاد وعشرون ونيفا من شهداء الانتفاضة المباركة في 12 آذار 2004:
منذ 1400 عام يناضل الشعب الكوردي من أجل حريته واستقلال وطنه كوردستان…
وسجل الشعب الكوردي أروع ملاحم البطولة والفداء….
ولم يحدث أن سكت الشعب الكوردي على الظلم ورد الصاع صاعين… بل وأخذ الثأر من كل إعتداء…
ولكن منذ أن ابتلي الشعب الكوردي بالاحزاب الكوردية تلاشت البطولات…
فمنذ خمسة عشر عاما مضت على اغتيال الدكتور محمد معشوق الخزنوي لم يأخذ أحدا بثأره من الذين قتلوه أو الذين أعطوا الاوامر بقتله أو حتى الذين ساعدوا النظام السوري على إغتياله أو حتى الذين سكتوا وأعطوا الضوء الاخضر للنظام السوري بالاستفراد بالشيخ الجليل الخزنوي وهو تحت التعذيب منذ اعتقاله في 10-5-2005 إلى استشهاده في 1-6-2005…
منذ خمسة عشر عاما مضت على اغتيال الدكتور محمد معشوق الخزنوي لم يحاول أحدا أن يختطف عريف في المخابرات السورية من الذين أشرفوا على تعذيب واغتيال الدكتور محمد معشوق الخزنوي…
منذ خمسة عشر عاما مضت على اغتيال الدكتور محمد معشوق الخزنوي لم يحاول أحدا ان يوصل قضيته الى المحافل الدولية… وحينما رفعت دعوى قضائية إلى محكمة العدل الدولية اتصلت العديد من الاحزاب الكوردية بمحكمة العدل الدولية وأخبروها إن موت الخزنوي ليس للنظام السوري أية علاقة به… مع الاسف الشديد.
كنت أتخيل في أن جماعة كوردية قد إختطفت وعذبت حتى الموت الدكتور محمد معشوق الخزنوي
وكنت أتخيل في أن جماعة كوردية قد إعتقلت زعيم بككا عبد الله أوجلان
وكنت أتخيل في أن جماعة كوردية قد إغتالت الدكتور عبد الرحمن قاسملو وسكينة جانسز غيرهم كثيرون ممن قتلهم العدو وشرد عوائلهم وهتك أعراضهم في كركوك وخانقين ومندلي وشنكال وعفرين وسريكانيه وكري سبي…
وكنت أتخيل في أن جماعة كوردية هي التي إرتكبت الجرائم الآنفة لغرق العالم بالدماء حتى الركب…
ولكن بما أن الفاعل هو عدو الكورد وكوردستان، الكيانات التي تحتل كوردستان فإن الكورد صم بكم عمي… وكأنه لم يحدث شيئا على الاطلاق…
ألا يعني هذا أن الشعب الكوردي قد تم تخديره وترويضه ولجمه واستغفاله واستعباطه بإتقان…
ولم يعد الشعب الكوردي يعلم من النضال سوى الكلمات المنمقة وراء المايكوفونات… والهتافات والوعيد في المظاهرات وإصدار بيانات الاستنكار والتنديد والشجب في المناسبات الأليمة والمأساوية الآنفة الذكر…
ويبدو ان هذا هو النضال الذي رسم حدوده الضباط الجواسيس في قيادات الاحزاب الكوردية…
ولكن بعضهم يتظاهر بالبطولة ويشتم العدو أشنع وأبشع الشتائم مما يجعل الجمهور الكوردي المخدر يمتلئ قلبه بالسرور من الخطيب الجرئ… ولكن الجمهور المسرور لا يعلم ان الشتائم لا تساوي قشرة بصلة في المسائل القومية والسياسية… ولا داعي للشتائم… وتكفي جملة مفيدة واحدة للقول في أن العدو مستعبد للشعب الكوردي وغاصب ومحتل لبلاده المقدسة كوردستان… ولا حل إلا بحرية الكورد واستقلال كوردستان…
فيما يلي الكلمة التاريخية الرائعة التي ألقاها شيخ الشهداء الدكتور العلامة محمد معشوق الخزنوي في 8-4-2005 أي قبل اختطافه من قبل النظام السوري بحوالي 5 أسابيع فقط في 10-5-2005، وتعرض الشهيد الكبير للتعذيب الوحشي حتى الموت لقوله كلمة الحق والعدل وتم تسليم جثته الى ذويه مشوههة في 1-6-2005 رحمه الله واسكنه فسيح جناته:
هل كانت خطبة الوداع ترى؟
هل كان يحدثنا عن نفسه أيضا
أجل لقد بصق سلفاً في وجه قاتليه
كلمة الدكتور محمد معشوق الخزنوي الخالدة في مأتم فرهاد الذي استشهد تحت تعذيب المخابرات السورية لأنه كان ينقل جرحى الانتفاضة…
ان كلمة الدكتور محمد معشوق الخزنوي خالدة كخلود الخزنوي وفرهاد وعشرون ونيفا من شهداء الانتفاضة المباركة في 12 آذار 2004:
النص الكامل لخطبة الوداع:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى أله وأصحابه ومن والاه
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل هم أحياءاً عند ربهم يرزقون ؛ فرحين بما أتاهم الله من فضله.
أيها الأخوة :
أيها الأحبة:
يعلم الجميع إنني يوماً ما شاركت في مأتم موت والذين هم لصيقون بي يعرفون أنني لا أشارك في سنوية أبي ؛ لست بحاجة إذا كان البعض بحاجة الى أن يحتفل بالموت ؛ فأنا أحد الناس الذين هم ليسوا بحاجة الى أن يحتفلوا بالموت إلا إذا تمكنا أن نحول الموت الى حياة.
لذلك اليوم: أنا بينكم ليس من أجل سنوية فرهاد، سنوية موته ومأتمه إنما أنا معكم من أجل سنوية حياته ؛ وسنوية حياة شعبه وأمته ؛ فرح جداً أن أقف معكم وأنا أحتفل بحياة هذا الرجل ؛ لكنني أيضاً حزين جداً لأن عشرين و نيفاً من شهدائنا مرت عليهم سنة على حياتهم ولم تحتفل أمتهم بحياتهم .
فرهاد عزيز علينا جميعاً؛ وعزيز وأقول هذه الكلمة وأحترم مشاعر أبيه وأمه وزوجته وابنته .
فرهاد عزيز على قلوبنا جميعاً؛ لكن من الذي قال أن عشرين ونيفا ًمن شهدائنا ليسوا بمستوى عزة ومكانة فرهاد.
لم مرت ذكراهم وانتم خامدون ؛ نائمون؛ من الذي نومكم؛ من الذي أفهمكم أن الحياة لا توهب للموتى أمثالي وأمثالكم؛ أن الحقوق أيها الأخوة لا يتصدق بها أحد إنما الحقوق تؤخذ بالقوة .
دماء الشهداء يجب أن تكون قطراتهم سقيا لشتلات حقوقكم ؛ لن نسمح بعد اليوم أن تنسوا شهداءكم…
ليست الشيعة مخطئة يوم تتحدث كل سنة عن الحسين ؛ رجل استشهد قبل ألف وأربع مئة سنة ؛ لازالت أمته… لازالت شيعته تحتفل بدمه؛ لا لأن رجلاُ مات إنما لأنهم يريدون أن يحيوا جماعة وأمة وشيعة بسقيا دمه.
لعلي لا أستوعب تفاصيل ما جرى لفرهاد .
أنا أحد الناس أخشى السياط كثيراً؛ ولا أريد أن أتذكرها ؛ لكن منذ أن دعاني والده الى هذه الجلسة ؛ لا أدري لما تذكرت ياسر وسمية؛ ياسر هذا الصحابي الجليل الذي وقف جلادوه في وجهه وهم يقولون له سنعطيك كل شيء ؛ سنهبك ما تريد ؛ سنتركك؛ فقط أشتم محمدا وأبى ياسر وأبت سمية ؛ بل بصقت سمية في وجه أبي جهل ؛ هكذا وصلتني الرواية لقد طلبوا من فرهاد أن يشتم أهله ؛ أن يشتم شعبه؛ أن يشتم أمته ؛ لا أدري هل بصق في وجههم ؛ لكن الحقيقة أن من يطلب من أحداً أن يشتم أهله ينبغي أن يبصق في وجهه ….
اسمحوا لي أن أطيل عليكم فربما أنا رجل الدين الوحيد الذي سيتحدث في هذه الجلسة؛
فرهاد كتبت بعض الكلمات ؛ لست شاعراً؛ لكنني أشعر بآلامي وآلام شعبي وأمتي من خلالك يا فرهاد
كل شبابنا أنت
وكل نسائنا بعدك ثكالى
كل عرق من عروق رجالنا غيض وفيض
بل كل عرق من عروق رجالنا يتفجر ألماً ودماً
لكن أما أن يموت رجالنا مثلك وإلا فلا؛ أمة ميتة يحييها رجل ؛ أمة تشعر أنها ميتة كانت بحاجة الى شخص يقول لها انهضي: أنت لست ميتة؛ فكنت أنت يافرهاد .
حاولت أن أتخيلك؛ من أنت؟؛هل يعقل أن أذهب الى ذكرى رجل وأنا لاأعرفه؛ من أنت: حاولت أن أتخيل ملامحك… لم أستطيع؛ كلما حاولت أن أتخيل ملامحك سمعت صرخاتك وأنت تحت السياط كلما حاولت أن أجسد صورتك سمعت صعقات الكهرباء وهي تسري في جسدك الرقيق ؛ كلما حاولت أن أسمعك تبادر الى ذاكرتي صرخاتك… لا أدري ربما أسيء إليك يوم أقول أنك صرخت .
أمثالك لا يئنون ولا يصرخون ؛ يقفون كالجبال في وجوه جلاديهم
لكن؟ يا فرهاد اسمح لي أن أقول لك ولأمثالك من شهداء هذه الأمة نحن جميعاً، أنا وأنتم وكل أبناء شعبك يا فرهاد ؛ نحن شركاء في دمك ؛ شركاء في هدر دمك؛ لأننا نمنا حقبة طويلة ؛ كلنا شركاء في دمك ؛ كلنا سلمناك؛ كلنا خذلناك، أنت ورفاقك يوم لم نسأل عنكم ؛ يوما لم نسأل جلاديكم ولم نطلب محاكمتهم ؛ من السهل جداً أن يصدر مرسوم يفرج السجناء من السجون لكنه لايمكن لكل مراسيم الدنيا أن تعيد حياة فرهاد ونيفاً وعشرين من شهدائنا؛ فقط مرسومكم أنتم ؛ إذا عزمتم على الحياة وحاولتم أن تقفوا على أرض صلبة لتطالبوا بحقوقكم كبشر.
يوم وقف الضابط يقول للجندي : من أنت ؟
كان ينبغي أن يقول : نحن كلاب .
من أنت؟ فقال له : نحن بشر.
فما كان منه إلا أن ضربه ببوطه العسكري.
مرسومكم أنتم هو الذي يعيد حياة هؤلاء ؛ إذا قررتم أن تكونوا بشرا…
فرهاد ؛ بل يا شعب فرهاد
أنا أعلم أن نصر الله قريب ؛ ولكن نتمنى جميعاً ألا نموت قبل أن يقف أضعف رجل منا على قبرك ليقول ها نحن أحيينا شهداءنا وحيينا بهم .
لتسمح لي أمك يا فرهاد أن أقول : لو خيرني ملك الموت : هل تريد أن تفدي بفرهاد آخرين ؛ ربما نصف شعبك ينبغي أن يفدى بك لأنه لا حراك به ؛ أسمعت لو ناديت حياً ولكن لاحياة لمن تنادي؟ .
إني اليوم أقول أننا عازمون أن نحيي من أمتموهم
وعازمون أن نبني ما هدمتموه
وعازمون أن نعمر ما خربتموهم
وأن فرهاد وأمثاله سيكونون حباتنا التي ستنبت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء ؛
نساءنا سيلدن آلافاً أمثال فرهاد وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون؟
الكلمة التاريخية كما قالها الشهيد الشيخ معشوق باللغة العربية ولكن تم ترجمتها الى العديد من اللغات: الكوردية والتركية والانكليزية.
المقالات المشابهة
الشيخ الشهيد محمد معشوق الخزنوي.. نصير الحق وصوت الحرية
تسعة عشر عاماً على اختطاف واغتيال شيخ الشهداء معشوق الخزنوي
في ذكرى انتفاضة اذار 2004 لابد من استذكار الشيخ الشهيد، الخزنوي المعشوق!