السيدات والسادة الكرام – السلام عليكم ورحمة الله وبركاته – ومرحبا بكم في لقاء جديد – الاحبة الكرام خلال اللقاءات الاحدى عشرة الماضية كان حديثنا منصب على القلب السليم وكيفية الوصول للقلب السليم ووسائل المساعدة لأن يكون قلبك سليماً ، المفترض أن نبدأ بالحديث عن القلب المريض ومن ثم الحديث عن الأمراض التي تصيب القلب ، لكن قبل البدء به في يوم غد إن شاء الله ، اليوم نريد أن نختم القلب السليم وملحقاته بسؤال ، بسؤال يسأله الكثيرون ، ويهمنا جميعاً معرفته ، ومعرفة إجابته ، وأن نسأل أنفسنا دوماً هذا السؤال ، هذا السؤال هو ، هل الله راض عني ، وكيف يتسنى لي كعبد معرفة أن الله راض عني .
رضا الله هي الغاية ، هي المقصد ، ولذلك دائما ما نكرر ، وننقشه في القلب والعقل قبل اللسان ، إلهي أنت مقصودي ورضاك مطلوبي .
يا الله المهم راضك عني ، ولا يهم يعد أن رضيت عني ، راضى الناس او سخطوا لا يهم ، اليوم يتواجد على الأرض ما يقارب سبعة مليار ونصف إنسان ، يزيد وينقص ، لو أن سبعة مليار ونصف إنسان رضوا عنك، ومجدوك، ومدحوك، ورفعوك، وأثنوا عليك، وقدسوك، ولم يكن الله راضياً عنك، أنت أشد الخاسرين، .
يعني أكبر من نسب البعث في الانتخابات ، سبعة مليار ونصف إنسان بصغيرها وشبابها وشيوخها برجالها ونسائها ، رضوا عنك ، ومجدوك وسيدوك ، وقدسوك والله غير راض عنك فأنت أخسر الخاسرين .
ولو أن إنساناً ذمه أهل الأرض، ورضي المولى عنه ، فهو أول الرابحين، تصور سبعة ونصف مليار إنسان ذموك ، وسخطوا عليك ، والله وحده رضي عنك ، فقد ربحت كل الربح ، وأنت أول الرابحين .
فالعبرة أن يرضى عنك الله ، لا أن يرضى عنك البشر ويسخط عليك الله ، ولقد أحسن أبو فراس الحمداني في هذا المعنى عندما قال :
فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب.
فالمهم رضى الله ، اللهم ارض عنا وعن والدينا ، لكن أيها الاحباب رضوان الله عن عبده لا يُعلَمُ إلا بخبرٍ منه سبحانه ، أو من رسوله المصطفى عليه الصلاة والسلام .
فلا يجوز أن يُحكمَ به لأحدٍ إلا بدليلٍ مِن كتابٍ أو سنَّة ، لا يمكن نحن البشر أن نحكم لأحد أن الله قد رضي عنه إلا بدليل ، مثل أصحاب الشَّجرة الذين عُرفوا بأهل بيعة الرّضوان فقد رضي الله عنهم ، ونحكم ونعتقد أن الله قد رضي عنهم ، وحكمنا هذا ، واعتقادنا هذا مبني على دليل اخبرنا به المولى عز وجل :{ لَّقَدۡ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ يُبَايِعُونَكَ تَحۡتَ ٱلشَّجَرَةِ } ، فكلّهم نشهدُ له بأنَّ الله رضي عنه بما ورد من دليل من كتاب الله .
وهكذا كلُّ مَن شهِدَ له الرَّسولُ صلَّى الله عليه وسلَّم بالجنَّة كالعشرة المبشرين من الصحابة ، فيُشهَدُ لهم بأنَّ الله رضيَ عنهم ، لأنَّ دخول الجنَّة يستلزمُ الرّضا مِن الله تعالى.
ومن سواهم لا يشهد لشخص معين برضا الله عنه ، حيث ليس لرضا الله علامات توجبُ القطع للعبد بحصوله، لكن له علامات توجبُ الرَّجاء في حصول الرضا، أكرر وارجو أن تحفظوها حيث ليس لرضا الله علامات توجبُ القطع للعبد بحصوله، لكن له علامات توجبُ الرَّجاء في حصول الرضا .
وهذه العلامة التي علامة يرجى بها حصول الرضا هي : أن الله يوفيقك للعمل الصالح ، ويحفظ جوارحك من الحرام .
فتوفيق الله لك لفعل الطاعة ، وتحبيبه الطاعة لك من علامات الرضا ، الله سبحانه و تعالى يقول :” وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ” .
ابن عطاء السكندري له حكمة يقول فيها : “إذا أردت أن تعرف مقامك عن الله فانظر أين أقامك .
هل اقامك على الخير على الطاعات ، على مساعدة الاخرين فأنت في مقام يرجى رضى الله فيها ، اما إن اقمت على المعاصي والمنكرات فهل تظن أنها علامة واشارة على رضى الله ،
مما روي عن جرير بن حازم عن وهيب عن بني اسرائيل قال بلغني أن موسى نبي الله عليه السلام قال : (( يا رب أخبرني عن آية رضاك عن عبدك فأوحى الله تعالى إليه إذا رأيتني أهيء له طاعتي وأصرفه عن معصيتي فذاك آية رضائي عنه ))
هذه مرتبة الرضا ، اللهم ارضى عنا ، وهي تختلف عن مرتبة الحب ، فإن مرتبة الحب أعلى من مرتبة الرضا ، كيف ؟
انظر الله الرحيم اذا صرفك عن الفحشاء فهو راض عنك ، يعني لو ربنا راضي عنه سوف يجر من ظهر عن الفحشاء والمنكر ،
اذا رضي الله عن عبد صرفه عن الحرام ، ولكن لو احبه لصرف الحرام عنه ، وهو يسير على الله ، يمشي ويقعد والحرام يبتعد عنه ، وكأن له حصن من حوله ، وأشعة فوق البنفسجية من حوله كلما يراها الحرام تبتعد عنه ، من غير مجهود منه ، ربنا قال عن سيدنا يوسف : (كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ) .
تأمل الآبة ، وفكر وتمعن فيها ، من صرف من من ، هل يوسف صرف عن الفحشاء ، ـم الفحشاء صرف عن يوسف ، تأمل : ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ )
نسال الله أن يجعلنا جميعا ممن قال فيهم رضي الله عنهم ورضوا عنه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المقالات المشابهة
وإنك لعلى خلق عظيم – خطبة للدكتور مرشد معشوق الخزنوي
البهتان – الحلقة 24 – الشيخ مرشد معشوق الخزنوي
الطمع – الحلقة 23- الشيخ مرشد معشوق الخزنوي