Mashuq Foundation

for Dialogue Tolerance and Religious Renewal

حوار مع المعارض السوري الشيخ مرشد الخزنوي

الدكتور مرشد معشوق الخزنوي

bedna7al — سبت, 10/01/2011 –
بدنا حل – خاص
 
معارضة مفككة، ثورة مشتعلة، نظام مستبد. هذه هي معادلة المرحلة الحالية والنهاية غير معروفة. وللوقوف على تفاصيل ما يحدث كان لا بدّ لنا من وقفة مع المعارضين السوريين ولعل من أبرزهم الشيخ مرشد معشوق الخزنوي ذو المكانة الكبيرة عند الأكراد السوريين وعند المسلمين بشكل عام.
 
نبدأ بحديثنا عن المعارضة السورية، وانقساماتها، هل سبب الانقسام هو اختلاف أيديولوجي ثقافي أو هو تنازع على الكراسي والحصص؟
 
 
في البداية لا بد من القول إنّه هنالك اختلاف فكري بين أطراف المعارضة، لكن ما يبرز حالياً هو تسخير الفكرة من أجل الكراسي، هذا الشيء موجود في المعارضة. هناك العديد من الندوات والمؤتمرات واللقاءات التي تحصل في جميع دول العالم حتى قبل انطلاق الثورة كان هنالك لقاءات في محاولات للمّ الشمل، وللأسف الشديد نحن المعارضة السورية لسنا مجتمعين ولا متفقين ولا قلوبنا واحدة، وهذا الأمر زرعه البعث في قلوب السوريين وبالتالي في قلوب المعارضيين أيضاً، وهي قضية عدم الثقة بالآخر، وعدم التعاون، وإذا التقوا تحسبهم جمعاً وقلوبهم شتى، كنت قد ذكرت في أحد مقالاتي السابقة عن حال المعارضة المثل المصري المعروف “جبناك يا عبد المعين لتعيين، طلع بدك يا عبد المعين مين يعينك”، الشعب استنجد بالمعارضة ولكن المعارضة تحتاج لمن يصلح حالها.
 
 

 

 
 
إذاً إلى متى هذه الفرقة؟ رأينا الشارع السوري واحداً من اليوم الأول، فعلى سبيل المثال عندما انتفضت درعا خرجت باقي المدن المحافظات لتقول “يا درعا حنّا معاكي للموت” وهكذا، بينما المعارضة لم تتحد في ستة أشهر.
 
 
بتصوري ما يحدث على الأرض في الداخل مختلف عما يحدث في الخارج، من هم في الداخل يرون الدماء بأعينهم فيتكاتفون ويتعاضدون ويتوحدون في القلوب ويتوحدون في المظهر والصوت، الذين في الخارج، ربما ﻷنهم بعيدون عن كل هذه المشاهد، يرونها عبر التلفاز، ربما لا تؤثر بهم وتدفع بهم إلى الحس الوطني العام، لذلك ترى أكثر خلافاتهم، ما حصتي؟ ما موقعي؟ أنا حضرت بعض الجلسات، والله، نوقشت فيها اسم من يكتب أولاً على الورقة، فإذا كان هذا هو المستوى فأسفي شديد جداً. المعارضة مشتتة…….
 
 
إلى متى؟
 
إلى متى؟ الله أعلم. لكن يجب على المعارضة بمختلف مستوياتهم وانتماءاتهم الفكرية والثقافية والدينية أن تتخلص من هذه الأنانية ويبدؤوا بتوحيد الصف، الأحداث لا تحتمل هذه التفرقة. نحن الآن في القاهرة نناقش بعض الأمور وبالمقابل هناك ورش عمل أخرى في القاهرة أيضاً تناقش أمور أخرى وفي الدوحة هناك محاور عكسها تماماً وكذلك في روسيا وفي كل مكان، والكل يحاول القول إنه صحيح والآخرون مخطئون. وللأسف هذا غير صحيح فكلنا مخطئون وكلنا صائبون. ولذلك نحتاج إلى تكثيف الجهود.
 
 
نستطيع أن نرى في وسائل الإعلام الكثير من الشخصيات، لكن لا يوجد شخص يتحدث باسم المعارضة ككل، رغم وجود شخصيات موافق عليها من جميع الجهات كالدكتور برهان غليون والأستاذ هيثم المالح وحضرتك وغيركم، ما المشكلة؟
 
ﻻ أنا ولا برهان غليون ولا هيثم المالح ولا أي شخص آخر متفق عليه، أقول لك بصراحة، الأستاذ هيثم المالح على قدره، والدكتور برهان غليون على قدره، لكن ليس هناك اتفاق عام على أن يكون أحدٌ منهم قائداً للمعارضة، الكل يحاول والكل يريد أن يكون له دور لكن ليس هناك اتفاق عام. كما سردت لك هناك جلسات في القاهرة وفي الدوحة وفي روسيا، هي لكل هذه الأقطاب، كل قطب يحاول أن يشكل حوله مجموعة ويقول أنا الشرعي والآخرون هم الخائنون. للأسف الشديد ما يظهر على الإعلام من توحيد هو غير حاصل وهم في الحقيقة غير متفقين. هناك جهود مبذولة لتوحيدها، وبتصوري لو بقيت “الأنا” الموجودة حالياً عند جميع أنسجة المعارضة فلن نرى معارضة موحدة، لكن إن تخلصوا منها فإن شاء الله سنرى معارضة موحدة قريباً جداً.
 
 
 

 

 
 
فلننتقل بالحديث إلى الداخل السوري، ولنتحدث عن علاقة الدين بالثورة أو العكس علاقة الثورة بالدين، فكما هو معلوم الثورة انطلقت من الجامع، وإلى الآن يخرج الناس من الجوامع، مما يطرح بعض التساؤلات عن أن هذه الثورة دينية وحتى ذهب البعض بعيداً وقارنوا بينها وبين الثورة الإيرانية.
 
لا، هذا بتصوري خطأ كبير، الثورة في إيران كانت تمتلك فكراً وبرنامجاً، وكان هنالك أناس يتبنونها ويعملون ﻷجلها حتى نجح الأمر. في سوريا يختلف الأمر، حتى لو خرجت المظاهرات من المساجد “دون أن ننسى بأن غالبية الشعب السوري شعب متدين”. وﻷن النظام حرمنا من جميع أماكن التواجد فالشباب رأوا بأن أقرب فرصة هي المساجد. وكما هو معلوم فالشباب حاولوا التجمع في عدد من الميادين لكن الشبيحة ورجال المافيا الأسدية قاوموها ومنعوا أي تجمع، وبالتالي الشباب لم يجدوا أمامهم إلا المساجد ﻷن فيها الكثرة والتجمع الطبيعي جداً. يوم جمعة هو يوم اجتماع. ووجدنا كيف تحولت المظاهرات من أسبوعية إلى يومية في شهر رمضان المبارك.
وبالتالي أستطيع القول إن الثورة الآن في سوريا ليست ثورة دينية بإعتبار أن المشتركين فيها من جميع  الطوائف والأديان والقوميات. وحسب ما نُقل إلينا من ثقات “ونحن على تواصل دائم مع شباب الثورة” بأنّ الشباب المسيحي أيضاً يخرج في أيام الجمع جنباً إلى جنب مع الشباب المسلم.
  
 إذاً بحديثك هذا تنبذ الطائفية التي يتحدث عنها البعض؟
 
 
الطائفية هي شماعة للنظام. هو يحاول إثارتها ليخوّف الأقليات منها وخصوصاً الطائفة العلوية. وهو، أي النظام، يحاول أن يقول لتلك الأقليات: انتبهوا واحذروا، فلو سقط النظام فسيحل نظام إسلامي مكانه وسيقضي عليكم. وبالطبع هذا غير صحيح. وقد أصدرنا مؤخراً بياناً وُقع من أبرز الجهات الإسلامية (مؤسسة الدكتور معشوق الخزنوي للحوار والتسامح، حركة الإخوان المسلمين في سوريا، الشيخ عدنان العرعور وغيرهم) وهذا البيان يجرّم الطائفية في سورية المستقبل وهي وثيقة قوية جداً، وقد تمّ حفظها لدى جامعة الدول العربية حتى يعلم الجميع بأنّ الثورة السورية ليست ثورة طائفية، خصوصاً وأنّ النظام يحاول أن يخوّف من الطائفية.
وعلى المستوى الكوردي أيضاً حاول النظام أن يغرد، وأن يغازل الأكراد بإعطائهم بعض الامتيازات لكنها أمور غير مقبولة. فالشاعر يقول:
وإذا رأيت نيوب الليث بارزة    فلا تظنن بأنّ الليث يبتسمُ
فبشار الأسد عندما يخوّف العلويين من الإخوان المسلمين وعندما يغازل الأكراد لا نفهم من هذا الكلام بأنّ بشار الأسد قد أصبح ودوداً ورحيماً وجميلاً، بل هو يجهز أسنانه لينقض على الفريسة ولذلك لا الشعب الكوردي يصدقه ولا المجتمع السوري ككل يثق به. ومحاولاته لزرع الطائفية لن تنجح بإذن الله.
 
 
بما أنّك ذكرت الأكراد فلنتحدث عنهم وعن مشاركتهم في الثورة، فالبعض يقول بأنّ الشعب الكوردي كان أقل فعالية من غيره، فرغم رفضهم لإمتيازات الأسد لكنهم لم يشاركوا بالقدر الكافي.
 
هذا الكلام غير صحيح وغير مقبول أبداً. الشعب الكوردي أول من انتفض في وجه بشار الأسد وانتفاضة وثورة 2004 التي انطلقت من القامشلي وعمت جميع المدن الكوردية خير دليل على ذلك. في تلك الانتفاضة للأسف الشديد بقينا كأكراد لوحدنا، واستفرد بنا الجلاد وقتل ما يقارب الأربعين شهيداً.
وعندما بدأت ثورة 2011 في درعا بقينا مترددين في البداية قليلاً، ثم ما لبثنا أن شاركنا بها بعد أسبوع من انطلاقتها، وأنا شخصياً أصدرت بياناً طالبت فيه الشعب الكوردي بجعل عيد النوروز (21 آذار) يوم ثورة عارمة تضامناً مع الأخوة في درعا. سرعان ما أصدرت بعض الأحزاب في الخارج بيانات مشابهة. والشباب الكوردي المتواجد على الأرض في سورية وهو الورقة الفاعلة لذا استجابوا لنداء درعا، وانتفضوا، وخصوصاً في مدينة عامودا والتي أثبتت عبر التاريخ بطولاتها والتي فعلت ما لا يفعله الآخرون.
وعلى الرغم من أن قضية الشعب الكوردي من الممكن حلّها بإصلاحات معينة من قبل السلطة لكن الشعب الكوردي كان صارماً وقال: لن نقبل من الجلاد أن يعطينا امتيازات على حساب دم أخوتنا.
لا يعنيني إن كان النظام ﻻ يواجه الأكراد هذه مشكلته وليست مشكلتنا، لكن الشعب الكوردي مشارك وبفعالية كبيرة.
 
 
من المعروف أن مطالب الثورة السورية تتجسد في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وما إلى هنالك، هل الأكراد يتبنون هذه الأهداف أم أن لهم أهدافهم الخاصة بهم؟
 
طبعاً عندما نقول حرية يجب أن تكون شاملة للجميع عرباً وكورداً. فلا يمكن التحدث عن حرية منقوصة والشباب الأكراد يفهمون الحرية على أن يأخذوا حقوقهم المغتصبة من عقود طويلة كاملة وغير مجتزئة.
نحن سوريون وهذه أرضنا ولنا حقوق فيها وعلينا واجبات كذلك ولنا أحلامنا أيضاً.
نحن سوريون ونحن أكراد ولا تتناقض سوريتنا مع كوردستانيتنا فكما يحلم العربي بالوطن العربي الكبير يحلم الكوردي بكوردستان الكبرى، وهذا لا يتضارب مع العمل من أجل سوريا حرّة.
  
 
ألا يتناقض هذا مع وحدة الأراضي السورية، فعندما تقول نحلم بكوردستان كبرى فأنت تجتزئ الأراضي الكوردية من سوريا وهو حلم بالانفصال؟
 
في الحقيقة هذا أمر غير موجود، حتى الأحزاب الكوردية لا تناقش قضية الانفصال، وهي تهمة باطلة يحاول النظام تلفيقها ليخوّف العرب منّا.
لكن إن كنت تقول لي تخلى عن حلمك الكوردي بكوردستان كبرى، فقل للعربي أيضاً أن يتخلى عن حلمه بالوطن العربي الكبير. لماذا يحق للعربي أن يحلم والكوردي لا حق له؟ هذه حريّة منقوصة. قل لي: لا تحلم. أقول لك: أنا جاهز لكن تخلى أنت عن حلمك أيضاً.
 
  
بعد انتصار الثورة، هل ستكون مطالب الأكراد فدرالية كالعراق أم هي مجرد مطالب ثقافية كالتعلم باللغة الكوردية مثلاً؟
 
مسألة التعلم باللغة الكوردية هي مسألة جزئية بسيطة جداً. لكن الفيدرالية والحكم الذاتي ومثل هذه الأمور حتى الأكراد أنفسهم لم يخرجوا بموقف واضح منها. وأنا شخصياً أترفع عن الدخول في مثل هذه الأمور باعتبار أنّها خاصة بالسياسيين والحقوقين.
 
 
في أحد مؤتمرات المعارضة حدث خلاف على تسمية سورية، فالبعض طالب بإزالة كلمة عربية منها وتسميتها بالجمهورية السورية. هل هذا الخلاف يُفسر بأنّه حتى المعارضة لم تعترف بحقوق الاكراد الشرعية؟
 
 
بالضبط، وأعود وأقول لك إن رغبت أن لا أحلم بكورديتي فلا تحلم بعروبتك. فتسمية الجمهورية العربية السورية تعد اضطهاداً للأكراد وتمنعني من ممارسة حلمي الكوردي. كما أنّه لا يمكننا القول الجمهورية العربية الكوردية الآشورية….السورية. فحتى نختصر مثل هذه الأمور ونعطي سورية لكل السوريين نقول الجمهورية السورية.

About Author