جزء من سلسلة المخدرات المعنوية
خطبة لشيخ الشهداء الدكتور معشوق الخزنوي
خطبة في جامع الصحابي سلمان الفارسي بحي قناة السويس – قامشلو
تفريغ : عبد الرحمن احمد – مراجعة مركز احياء السنة ( مكتب الشهيد الخزنوي )
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
أما بعد : مع المخدرات المعنوية في لقاء جديد ، ومع المخدرات في مجال العصبية والقبلية والعشيرة والقومية والعرقية والعنصرية في لقاء ثان لنتحدث عن كيفية معالجة الإسلام لمشكلة القوميات ، نعم كيف أمكن لهذا الدين العظيم أن يستوعب مشكلة من أعقد مشاكل الحياة ، مشكلة لا يزال الناس يصطلون بنارها ، ولا تزال الشعوب تكتوي بشررها ، نعم كيف أمكن للإسلام أن يتعامل مع هذه الغريزة الإنسانية ، غريزة الإنتماء الى القوم والعشيرة والقبيلة من غير أن يكون في ذلك الانتماء غضاضة من أذى أو عدوان يشح ريحه على الناس ، مع مسألة القوميات التي يشتغل العالم بها اليوم في كثير من بقاع الأرض ، والتي مانزال نسمع من عجائبها هنا وهناك في كل يوم ما يشيب له الولدان ، هذه المسألة ما كانت غائبة في الاسلام فقد انبسطت الحضارة الإسلامية على أرض تنتمي الى عشرات القوميات ومئات الشعوب ، ومع ذلك كله فلم يكن لهذ المشكلة وجود يذكر في طول العالم الاسلامي وعرضه ، ولا تكاد تسمع في تاريخ المسلمين أن حدثاً مصيرياً في الأمة كان مرتبطاً بالمشكلة القومية ، إننا لا نتبحج حينما نقول إن الاسلام جاء حقيقة بعلاج شامل لهذه القضية ، وعلى العالم أن يقتدوا بتجربة الإسلام في ذلك ، والتي سنسمع تفاصيلها بعد قليل ، ولكن تعالوا الآن ننظر الى تجارب القرن العشرين في حلول المسألة القومية .
طبعاً في زماننا هناك تجربتان لمعالجة المسألة القومية ، التجربة الأولى يمكن أن نراها في هذه الدول التي استقلت عن المعسكر السوفيتي ، فقد كانت تجربة الشيوعيين في التعامل مع القوميات ، وهي ما كانت تسمى بالأممية ، ومعنى الأممية بعيداً عن التعقيد الفلسفي أن ينقطع الإنسان عن كل نسب يربطه بقومه ليذوب في التيار الأحمر ، ليذوب في الفكر الشيوعي العالمي ، وهكذا كان ، أو هكذا أراد أباطرة الشيوعية خلال سبعين سنة ، فماذا كانت النتيجة ، سلخوا الانسان من كل ارتباط الى قومه ووطنه ، من كل ارتباط الى قبيلته وشعبه ، جاؤوا بجاليات روسية فزرعوها في كل تلك الجمهوريات ، ووحدوا اللغة في كل تلك الجمهوريات ، وعملوا كل ما يمكن أن يفعله طاغ مستبد من أجل أن يقطعوا شعور كل إنسان بالانتماء الى أصله ، وهذا عينه ما فعلته العنصرية العربية بحق الكرد في سورية من خلال جلبها لمئات العوائل العربية لتزرعم في قرى الأكراد ، فماذا كانت النتيجة لهذه الأممية التي يتصورها كثير من ابنائنا حلاً لمشاكل الناس ، إنه ما إن انثلم السيف الأحمر ، ما إن تهاوى مجد الجيش الاحمر في الاتحاد السوفيتي حتى عادت هذه الشعوب ترتبط بقومياتها من جديد ، وتحي عوائلها وقبائلها من جديد ، ولعنت كل مجد يرتبط بالجيش الاحمر ، وكسرت تماثيل لينين وستالين على أيدي الجيل الذي غذي بالفكر الأحمر ردحاً وشرب الدم الأحمر ، واصطلت تلك البلاد بنيران حرب لا تزال اليوم تستمع الى اخبارها وآثارها ، إذاً لم تكن هذه الأممية حلاً لشعور فطري ينتسب فيه الإنسان الى وطنه وقومه ، وظهر للعقلاء أن مغالب الفطرة مغلوب ، وأن القفز فوق فطرة الإنسان ومشاعره مكابرة للمحسوس ومغالبة للواقع .
هذه كانت تجربة خلط الانسان ، وبالمقابل كانت هناك تجربة أخرى ، تجربة تدعو الى نقاء الأعراق ، ومعنى نقاء الأعراق أن يطرد الغرباء من كل أرض ينزلون فيها ، ولعل هذه التجربة تصطلي بنارها الى اليوم كل من فرنسا والمانيا ، فهناك أحزاب تطالب كل يوم بطرد الغرباء ، مع أن الغرباء صاروا جزءاً لا يتجزء من نشاط المانيا وفرنسا في كل الميادين ، وهم بذلك لم يتمكنوا من إنهاء المشكلة بقتلهم أو تصفيتهم أو التضيق على حرياتهم ، هم سيعيشون ويصطلون بنارها من جديد ، فالغريب الذي أقام في أرض زمناً ، وشارك بمشاعر أهل هذه الأرض زمناً ، واختلط بتراثهم وثقافتهم زمناً صار واحداً منهم ، وصار اقتطاعه من هذه الأرض نوعاً من الشعور بالعداء ، والذي تصطلي بناره اليوم كثير من البلاد ، وكل ما قرأناه في التاريخ من الفظائع التي ارتكبت باسم التطهير العرقي إنما يندرج حقيقة في هذا الفهم الفاسد لمسألة القومية الإنسانية .
والغريب أن البشر لا تمعن النظر في هذه التجارب ، بل تصر على تكرارها من جديد ، فالشعب الكردي وفي كل اجزائه مورست التجربتان بحقه دون امعان نظر من قبل ظالميه في تجارب الأخرين ، وأن الشعوب لا تقهر ، فشرد ، واحرقت قراه ، وطرد ، ورشت عليه المواد الكيمائية وغيرها الكثير ولكن سيبقى الكرد وسينهزم المعتدون ، تلك سنة الله .
أما الإسلام فقد تعامل مع هذه المسألة من إطار آخر ، وعالجها بنظرية فريدة ، هو اولاً لم يهدم ما كانت بين الناس وبينهم من أنسابهم واحسابهم ، فقد روى الترمذي في السنن، وأحمد في المسند، والحاكم في المستدرك ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : { تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم فإن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في الأثر } ، ومع أن الإسلام في حقيقته هو استسلام المرء لله بكل وجوده وشعوره وانتمائه ، غير أن هذا الاستسلام لله لا يقضي أن يتنكر الإنسان للقوم الذين كبر فيهم ولا للتراب الذي درج عليه ولا اللغة ، اللغة التي فهم بها مراد الله والتي تعلمها مع حليب أمه ، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم بالرغم من ظروف الهجرات القاسية التي عاشها بعض اصحابه الكرام كان يوصي المسلم بأرضه وقومه ، ويشده الى أهله ورحمه يلتمس فيهم البر والخير ( فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) سورة التوبة الآية 122، فألصقهم بأقوامهم ، وأوكل إليهم مهمة نصحهم بعد العودة إليهم ، وأثنى على بلادهم بعبارت تدل على اعتراف الإسلام بقيمة أرضهم وبلادهم ، وبالتالي فلا حرج عليهم إذا التصقوا بها ، ولم يتنكروا لترابها ، فحين جاء وفد اليمن كما في البخاري ومسلم عن ابي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدةً وألين قلوباً الإيمان يمان والحكمة يمانية والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل والسكينة والوقار في أهل الغنم } ، وذكر الشام بخير كما رواه ابو داود واحمد عن ابي الدرداء فقال { فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغوطة إلى جانب مدينة يقال لها دمشق من خير مدائن الشام } وكان يكثر من قول { اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا } كما رواه البخاري ، وأثنى على جبل جودي من بلاد الأكراد وجعله مباركاً فقال ربنا جل في علاه حكاية عن نوح عليه السلام (فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (29) إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30) ) سورة المؤمنون ، وأثنى على اهل مصر كما روى الإمام مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ إنكم ستفتحون أرضا يُذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا ، فإن لهم ذِمَة ورَحَمِا }، وفي رواية للإمام أحمد : { إنكم ستفتحون مصر – وهى أرض يُسمى فيها القيراط – فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها ، فإن لهم ذمة ورحما – أو قال – : ذِمّة وصِهْرا } ، وعلى فلسطين فقال { ولنعم المصلى، هو أرض المحشر والمنشر ، وليأتين على الناس زمان ولقيد _ أو قال : قوس _ الرجل حيث يرى منه بيت المقدس خير له أو أحب إليه من الدنيا جميعاً } كما رواه البيهقي والحاكم في مستدركه والإمام الترمذي في الترهيب عن أبي ذر رضي الله عنه وقد صححه الإمام الألباني في صحيح الترغيب ، وأثنى على غفار وسليم فقال { أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ وَغِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا } رواه مسلم ، فأنت ترى أن الإسلام لم يقصم عرى الانسان عن قبائله ، فهذا أمر تأباه الفطرة ، وديننا جاء بالفطرة الحنفية السمحة ، وفي مقابل ذلك لم يجعل انتماء الانسان لأرض سبباً يستبد به الإنسان بأخيه الانسان ، لم يجعل الانتماء الى قبيلة سبباً يتعالى بها الإنسان على أخيه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لينتهين أقوام فخرهم برجال، أو ليكونن أهون عند الله من عدتهم من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن} كما رواه احمد ، وقد أدرك السلف الصالح سيما أشرافهم وعلمائهم هذا المعنى الوسط ، فقد روي أن زين العابدين علي بن الحسين قام يتعبد الله عز وجل فأطال في ركوعه حتى سمع أصحابه صوت بكائه ، فقال له أحد أصحابه بعد أن انتهى من صلاته { يا إمام أنت قرشي هاشمي وتشتد في بكائك هكذا وقد قال الله عز وجل فيكم (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) سورة الاحزاب الآية 33 ، فقال يا هذا إن الله أعد الجنة لمن أطاعه ولو كان عبداً حبشياً ، وأعد النار لمن عصاه ولو كان هاشمياً قرشياً } ، إذاً لم تكن القوميات المختلفة تعيش في المجتمع الاسلامي بشعور المهانة والمذلة ، تعالوا ندخل قليلاً الى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لننظر الى أصحابه الذين تحلقوا حوله ، حقاً لقد كان فيهم أرحام وأبناء عم وأخوان وأقارب ، ولكن كان هناك في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم موضع لعرب من هذيل ، وموضع لعرب من شيبان ، وموضع لعرب من دوس ، من كل بطون العرب القريبة والبعيدة ، كنت ترى عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدالله بن مسعود وهو من أبعد العرب نسباً عن قريش هذلي من هذيل ، وهي قبيلة غارقة في الصحراء لا يربطها بمكة حليف ولا نصير ، ومع ذلك كان عبدالله بن مسعود ألصق الناس برسول الله حتى كان الناس يحسبونه من آل بيت رسول الله ، ما هو بالهاشمي ولا بالأموي ولا الزهري ولا العدوي ، هو أبعد بطون العرب عن قريش .
وكان راوية النبي صلى الله عليه وسلم ابو هريرة دوسياً من دوس ، منازلها من أبعد منازل العرب عن مكة والمدينة ، وليس لها في العرب هيبة ولا مقام ، ومع ذلك وجد مقامه محفوظاً بجوار النبي صلى الله عليه وسلم ، ما نقص من أجره ولا من قدره ولا من فضله شيء ، وأبو موسى الأشعري كان عالم القضاء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو يمني مهاجر الى مكة ، وابو ذر الغفاري ما كان أربعة من اصحاب رسول الله يذكرون إلا كان خامسهم ابو ذر الغفاري ، وغفار مضارب ضائعة في بطن الصحراء لا ماضي لها من مجد العرب ، ولا تذكر إلا بقطع الطريق والصيال على الناس ، ومع ذلك حفظت الأيام أسمه الكبير على أنه لسان الحق الناطق وصوته الصادق .
ولم يكن الأمر وقفاً على العرب دون سواهم ، تعالوا نصافح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من العجم ، صهيب بن سنان الرومي فيه نزل قول الله ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ) سورة البقرة الآية 207 ، صهيب من بلاد الروم لم يكن عربياً ، لكنه لم يكن مواطناً من الدرجة الثانية في الإسلام ، لم يكن هناك تيار يطالب بطرد الغريب عن جزيرة العرب ، وأيضاً لم ينفصل عن نسبه فلا يزال يقال له صهيب بن سنان الرومي حفاظاً على هويته .
وأبا ميمون جابان الكردي ، صحابي جليل شديد الورع، إلى درجة أنه كان غير متحمّس لرواية الأحاديث عن النبي محمد عليه السلام، مخافة الزيادة أو النقص، وجد مكانه في الإسلام ولم يكن من مواطني الدرجة الثانية كحال أحفاده اليوم .
وسلمان الفارسي رجل من فارس مازال يعلو حتى أدخله الإسلام في أهل البيت ، قالت الانصار سلمان منا ، وقالت المهاجرة سلمان منا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { سلمان منا أهل البيت } رواه الحاكم والطبراني وقد ضعفه الألباني مرفوعا الى رسول الله ، وصححه موقوفا عن علي بن ابي طالب أنه قال عن سلمان { أدرك العلم الأول ، والعلم الآخر ، بحر لا ينزح قَعْرُه ، هو منا أهل البيت } أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ، وابن سعد ، وأبو نعيم في الحلية ، وابن عساكر وصححه الألباني .
وبلال بن رباح بن حمامة الحبشي لم يكن عربياً ، لكنه كان في الإسلام مكرماً محفوظاً ، وكان هو الصوت الصادح باسم الإسلام ، والناطق الرسمي باسم سيدنا محمد ، وخاصة يوم الفتح ، يوم وقف صناديد قريش أذلاء على الأرض وبلال على سطح الكعبة يؤذن ، وفي ذلك يقول الشاعر :
لقد رفع الإسلام سلمان فـارس وقد وضع الشرك الشقي أبـا لهب
ولست أزعم أن ذلك كان وقفاً على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تعالوا نقفز قفزة الى عصر العلم والعلماء ، الى القرن الثالث الهجري ، يوم دخل الأعاجم في الاسلام ، وامتلأت بلاد الاسلام علماً ، وظهر فيه جهابذة كبار ، ورجال علم ومعرفة ليس لهم حظ من العروبة إلا اللغة وحدها ، وستجدهم أعاجم ينتمون الى أبعد الامصار ، ففي الحديث شيخ المحدثين على الاطلاق هو الامام البخاري عجمي من بخارى ، ومع ذلك لم يكم مواطناً من الدرجة الثانية ، ويسمى في لبنان قيد الدرس ، او الكويت { بدون } أو { مكتوم } كحال الكثير من الكرد هنا ، وجد مكانه في العلم ، وصار أمير المؤمنين في الحديث وهو من أوزبكستان لا يربطه بالعرب عرق ولا نسب ولا أرض ولا جنسية ، زميله ورديفه مسلم بن الحجاج ، مسلم من قبيلة عربية لكنه ولد ونشأ وسكن في نيسابور قرب مشهد الإيرانية ، من هناك جاء ليصبح ايضا أمير المؤمنين في الحديث ، تعالوا نستكمل الستة ، البخاري من بخارى ، ومسلم من نيسابور ، وأبو داود عجمي من سجستان ، والنسائي من نسا في خراسان ، والترمذي من ترمذ على مشارف الهند ، وابن ماجه من قزوين كلهم يعتبرون بعرف انظمة اليوم مواطنين من الدرجة الثانية صاروا أئمة الناس في علم هو اخص علوم العرب ، علم الرواية ، علم الرجال والسند ، لم تكن هناك مشكلة قوميات ، كلهم اعاجم إلا واحد عربي النسب لكنه أيضاً عجمي المولد والمنشأ هو الامام مسلم ، وفي قواعد هذا العلم يبرز لنا الإمام ابن الصلاح الشَّهْرَزُوري الكردي هذا في علم الحديث ، أما في التفسير فشيخ المفسرين الطبري من طبرستان فيما وراء النهر ، والفخر الرازي من بلاد الري شرق طهران ، والبيضاوي من شيراز ، والزمخشري من خوارزم ، حتى اللغة العربية ياقوم ، واضع قواعد اللغة العربية بعد أبي الأسود رجل اعجمي إنه سيبويه لم يجد مشكلة في المجتمع الإسلامي تحول دون أن يكون أمام العربية بلا منازع ، ومثله الخليل الفراهيدي في العروض والشعر ، النحوي الكبير ابن الحاجب كردي ، وصاحب أكبر مرجع في مفردات العربية القاموس المحيط الفيروزآباديمن (( كارِزِين ) الواقعة جنوبي شِيراز ، وفي العلوم الأخرى ابن سينا من أوزبكستان ، والخوارزمي مؤسس علم الجبر واللوغرتمات أصله من خوارزم التي تقع اليوم في أوزبكستان، والمؤرخ القاضي ابن خَلِّكان كردي ، والملك المؤرخ أبو الفـــداء كردي ، ومجدد هذا الدين شيخ الإسلام ابن تيمية كردي من حران ، والقائد صلاح الدين الأيوبي الذي استرد بيت المقدس وله البصمة الناصع في سماء الإسلام كردي ، وأمثالهم كثيرون لم يجدوا حائلاً من أي قومية كانوا وبين أن ينالوا كرامتهم وأخذ حقوقهم كاملة من الرعاية والعناية مع الاحتفاظ بهويتهم وزيهم ولغتهم كل ذلك في ظل الإسلام الذي جاء رحمة للعالمين ، إنها حقيقة الإسلام التي ترجمة قوله عليه الصلاة والسلام كما رواه البيهقي ، وصححه الألباني عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ، ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم } .
المقالات المشابهة
المخدرات المعنوية في مجال التصوف – الجزء الثاني
ليلة النصف من شعبان هي ليلة الاستقلال والتحرر
رحلة الإسراء في آية الإسراء – الدكتور معشوق الخزنوي